Description
أن تقرأَ معناه أن تعرف كيف تتعامل مع الفراغ، لا نقرأ لنمتلئ، ولا حتّى لنُفرغ أنفسنا، وإنّما لندبّر العلاقة الجدلية ما بين الفراغ والامتلاء فينا. لهذا فإنّ قارئاً نبيهاً عليه أن يبدأ من تدبير فراغ مكتبته، ما دامت المكتبة هي الانعكاس الخارجيّ لأذهاننا. مكتبةٌ مليئةٌ بالكتب هي مكتبةٌ ميّتة، ومكتبةٌ لا كتابَ فيها هي مكتبةٌ لم تولد بعد. وبينهما المكتبة الحيّة، التي تُراوح ما بين الموت وإمكان العودة إلى ما قبل الحياة!*
لعلّ أهمّ ما في هذا العمل جدّته، فعلى الرّغم من أنّ موضوع المكتبة، صار من الموضوعات الأكثر تداولاً في الكتابات المعاصرة، إلا أنّ مؤلفه قد طرق سبيلاً لم تتّضح عليها بعدُ معالم الخطو. خصوصا عند كتّاب اللغة العربية لم تنل بعضَ حظّها من التفكير الجديّ في علاقة المبدع بالمكتبة. وقد ذهب هذا العمل بعيداً في مساءلة هذه العلاقة. وهي علاقة لا تدخل دائماً في إطار المشاعر الإيجابية، مشاعر التقدير والعشق، وإنّما قد تتجاوز ذلك نحو علاقات أشدّ التباساً قد تبلغ حدّ النّفور والبغض. يتجاور في هذا المؤلف، في الآن نفسه، كتّاب وسينمائيون ورسّامون وفيزيائيون، وهو تجاور قلّما نعثر على مثيله فيما يكتب من أعمال تعنى بالفكر أو بالأدب.